الأحد، 10 يوليو 2011

حسن الظن بالله .


حسن الظن بالله

كتــبــه : خالد بن سعود البليهد

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
فإن حسن الظن بالله عمل قلبي عظيم المنزلة والأثر في الدين وله عاقبة حسنة. والعبد مفتقر إليه في سيره لربه ومكابدته لأمور معاشه وتعامله مع صنوف الخلق. قال الله تعالى: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين). قال سفيان الثوري: (أي أحسنوا بالله تعالى الظن). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: (أنا عند ظن عبدي بي إن ظن خيرا فله وإن ظن شرا فله). (1) رواه أحمد. وكان سعيد بن جبير يقول : (اللهم إني أسألك صدق التوكل عليك وحسن الظن بك).

وحسن الظن بالله حقيقته أن يظن العبد بالله خيراً ورحمة وإحساناً في معاملته ومكافئته ومجازاته أحسن الجزاء في الدنيا والآخرة وهذا يتحقق في مقامات:


الأول:
إذا دعا ربه أن يقبل ربه دعائه. كما جاء في الحديث: (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة). (2) رواه الترمذي.

الثاني:
إذا تقرب إلى الله بعمل صالح أن يتقبل الله عمله ويرفعه. قال تعالى: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ).

الثالث:
أن يقبل توبته إذا أذنب وتاب فأناب. وقد تضافرت النصوص بهذه الحقيقة. قال تعالى: (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).

الرابع:
أن يوقن بوعد الله ونعيمه الذي أعده الله لعباده الصالحين المستقيمين على طاعته وشرعه. وقد تواترت النصوص بذلك. قال تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ).

الخامس:
أن يوقن بحسن لقاء الله وستره وتجاوزه عنه وهو في سياق موته كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله).(3) رواه مسلم. وقال ابن عباس: (إذا رأيتم الرجل قد نزل به الموت فبشروه حتى يلقى ربه وهو حسن الظن بالله تعالى وإن كان حيا فخوفوه بربه واذكروا له شدة عقابه).

السادس:
عند نزول البلاء وضيق الحال. قال بعض السلف: (استعمل في كل بلية تطرقك حسن الظن بالله عز وجل في كشفها فإن ذلك أقرب بك إلى الفرج).

وحسن الظن يكون صحيحاً مقبولاً من المؤمن إذا كان العبد منيباً إلى الله مقبلاً على طاعته محسناً في عمله أما إذا كان العبد مسيئاً في عمله متجاوزاً لحدود الله في سائر حاله فهذا سيء الظن بالله وإن تظاهر بحسن الظن لأن حسن الظن يحمل على حسن العمل وسوء الظن يحمل على سوء العمل. قال الحسن البصري: (إن المؤمن أحسن الظن بربه فأحسن العمل وأن الفاجر أساء الظن بربه فأساء العمل). وقال الخطابي: (إنما يحسن بالله الظن من حسن عمله فكأنه قال أحسنوا أعمالكم يحسن ظنكم بالله فإن من ساء عمله ساء ظنه. وقد يكون أيضا حسن الظن بالله من ناحية الرجاء وتأميل العفو والله جواد كريم لا آخذنا الله بسوء أفعالنا ولا وكلنا إلى حسن أعمالنا برحمته) .


منـــقول

صيــد الفوائد

(1) وعن حيان أبي النضر قال خرجت عائدا ليزيد بن الأسود فلقيت واثلة بن الأسقع وهو يريد عيادته فدخلنا عليه فلما رأى واثلة بسط يده وجعل يشير إليه فأقبل واثلة حتى جلس فأخذ يزيد بكفي واثلة فجعلهما على وجهه فقال له واثلة كيف ظنك بالله قال ظني بالله والله حسن
قال فأبشر
فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله جل وعلا " أنا عند ظن عبدي بي إن ظن خيرا فله وإن ظن شرا فله "
( رواه أحمد / حققه الألباني / صحيح الترغيب والترهيب / كتاب التوبة والزهد / الترغيب في الرجاء وحسن الظن بالله عز وجل / حديث رقم 3386 / صحيح)

(2) وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " القلوب أوعية وبعضها أوعى من بعض فإذا سألتم الله عز وجل يا أيها الناس فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة فإن الله لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلب غافل ".
( رواه أحمد / حققه الألباني / صحيح الترغيب والترهيب / كتاب الدعاء / الترهيب من رفع المصلي رأسه للسماء وقت الدعاء/ حديث رقم 1652 / حسن لغيره)
(3) رواه مســلم / المســند الصحيح / كتاب الجنة ووصفها ونعيمها وأهلها / باب الأمر بحسن الظن بالله تعالى / حديث رقم 5130 ).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق